انتخابات

كرامي والصّمد: مخضرَمَين في مواجهة المال وساعين لملء فراغ المستقب

لا يهدأ قطبا لائحة الإرادة الشّعبية في دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنّية والمنية)، النائبين فيصل كرامي وجهاد الصّمد، منذ إقفال باب تأليف اللوائح في 4 نيسان الجاري، عن الجولات والتحرّكات الإنتخابية، وهما أصلاً لم يتوقفا عن ذلك قبل أسابيع وأشهر عديدة عن متابعة كلّ شاردة وواردة متعلقة بمناطقهما وبقواعدهما الشّعبية.

ينظر النّاخبون في هذه الدّائرة إلى لائحة الإرادة الشّعبية على أنّها “الأولى” والأبرز بين بقية اللوائح الـ11 التي رسى عليها باب تأليف اللوائح، ضاربة بذلك رقماً قياسياً في تعداد اللوائح، لم يُسجّل في أيّ دائرة إنتخابية أخرى، وأنّ هذه اللائحة مرشّحة، وفق توقعات مراقبين وحسب عدة إستطلاعات رأي، لأن تتصدّر وتتقدّم على بقية اللوائح لجهة حصولها على أعلى رقم من الأصوات التفضيلية، وبالتالي الحواصل الإنتخابية.

يعود هذا الإنطباع عن كون لائحة الإرادة الشّعبية هي “البريمو” إلى جملة عوامل، من أبرزها أنّها تضمّ نائبين حاليين (بقية اللوائح تضمّ نائباً حالياً واحداً مع نائب سابق أو أحدهما فقط) لهما شعبية واسعة وراسخة وصلبة في دائرتهما، كرامي في طرابلس والصّمد في الضنّية، وأنّ كلّ منهما ينتمي إلى “بيت سياسي” لم تفلح التطوّرات السياسية والمتغيّرات التي شهدها لبنان منذ نحو 3 عقود، في إقفال البيتين، برغم الحصار السياسي الذي ضرب عليهما، وهو ما أكّدته نتائج الإنتخابات السّابقة بشكل واضح.

يضاف إلى ذلك أنّ القاعدة الشّعبية والإنتخابية لكرامي والصمد وبقية أعضاء اللائحة، من جمعية المشاريع الإسلامية (الإحباش) وإسلاميين إلى تيّار المردة، وصولاً إلى شخصيات مستقلة تحظى باحترام في أوساطها، متماسكة، سياسياً وشعبياً، وأنّ إمكانية تسرّب الأصوات منها ضعيفة، مقارنة ببقية اللوائح التي يعدّ تماسكها هشّاً، وتتصارع في ما بينها حول صحن إنتخابي واحد تقريباً، هو صحن تيّار المستقبل، بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن الترشّح وخوض الإستحقاق الإنتخابي، وعزوف الرئيس نجيب ميقاتي بعده عن خوض الإنتخابات.

أكثر من ذلك، فإنّ بعض أصوات قاعدة التيّار الأزرق في هذه الدائرة باتت أقرب للإقتراع لبعض مرشحي لائحة الإرادة الشعبية، على خلفية تقاطع المواقف السّلبية من القوّات اللبنانية، على خلفية محاكمة رئيسها سمير جعجع باغتيال الرئيس الراحل رشيد كرامي من جهة، عدا عن إتهامه بالغدر بالحريري من جهة ثانية، وهو تحوّل في توجّه بعض قاعدة تيّار المستقبل جرى لمسه في طرابلس والضنّية والمنية في الآونة الأخيرة، سواء من خلال لقاءات عقدت مؤخّراً للمرّة الأولى بينهم وبين كرامي والصّمد، أو في مواقف يجري التعبير عنها بوضوح على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي لم تكن كذلك من قبل.

كلّ ذلك دفع كرامي والصّمد إلى رفع وتيرة تحرّكاتهما وجولاتهما الإنتخابية في مختلف مناطق وبلدات وأحياء الدائرة. فكرامي ومنذ إعلان اللائحة أقام مهرجانات إنتخابية عدّة وسط حشد من المواطنين، وخلالها أكّد على ثوابته السياسية، وصولاً إلى شنّه حملة على القوّات اللبنانية التي وصفها بـ”الدخيلة”، والتي تحاول “وضع قدمها” في المدينة إنتخابياً بتحالفها مع الوزير السّابق أشرف ريفي، وتأكيد كرامي ردّاً على ذلك أنّ “طرابلس عربية، لا يمكن أن تكون عبرية، ولا يمكن أن تكون معرابية”.

أمّا الصّمد الذي لا يهدأ منذ بداية شهر رمضان، وقبله، وينظّم جولاته ولقاءاته الإنتخابية حتى ما بعد منتصف الليل بساعات، وبشكل يومي، فهو يتحرّك إنطلاقاً من أنّه قد بات رقماً صعباً ومرجعية في الضنّية، سياسياً وإنتخابياً، وهو ما أثبتته نتائج الإنتخابات الماضية التي حصل فيها لوحده على أصوات تفضيلية (11897) فاقت حاصلاً إنتخابياً، وكونه بات “المخضرم” الوحيد بين مرشّحي الضنية الذي لم يغب عن ساحتها السياسية والإنتخابية منذ نجاحه في دورة إنتخابات 1996، بينما بقية المرشّحين الموزّعين على اللوائح الأخرى، الذين تنقصهم الخبرة والتجربة، ولا يملك أغلبهم قاعدة شعبية، فإنّهم يخوضون غمار الإنتخابات للمرّة الأولى أو الثانية على أبعد تقدير، معتمدين على عنصر المال فقط لاستمالة النّاخبين، ما دفع الصّمد إلى تنبيه النّاخبين في جولاته ولقاءاته أن “لا يكونوا سلعة، لأنّ من يأتي ليشتري النيابة بأمواله، فإنّه بعد الإنتخابات لن يستطيع أحد أن يطالبه بشيء، لأنّ من يملك شيئاً ليس للناس الحق به لتشاركه معه، أو أن تطالبه بشيء بعد الإنتخابات”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى